مَصْدَرٍ مَفعُولٍ لأَجْلِهِ، أي: لأَجْلِ أَنْ كُنْتُم قَوْمًا مُسرِفِينَ، فهِيَ تعلِيليَّةٌ. والإسْرَافُ مجُاوَزَةُ الحَدِّ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أن اللهَ لَمْ يَتْرُكْ عِبَادَهُ هَمَلًا، بَلْ بيَّنَ لهمُ الحَقَّ، ودَعَاهُم إلَيهِ، وخَوَّفَهم مِنْ مُخَالفَتِهِ فلَمْ يَبْقَ لأَحَدٍ عُذْرٌ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن الإنسَانَ مَعذُورٌ بالجهْلِ إِذَا لَمْ تَبلغْهُ الرِّسالةُ، وهَذَا لَهُ أدِلَّةٌ:
مِنْهَا: قَوْلُ اللهِ تعَالى: ﴿إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيكَ كَمَا أَوْحَينَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَينَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيمَانَ وَآتَينَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٣ - ١٦٥].
ومنْهَا: قَولُهُ تعَالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥].
ومنْهَا: قَولُهُ تعَالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ [القصص: ٥٩]، والأدِلَّةُ عَلَى هَذَا كثيرَةٌ.
وقَال النَّبيُّ - ﷺ -: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمّةِ يَهُوْدِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِمَا جِئْتُ بِهِ إلا كانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" (١)، فقَال: