فإِنَّها نزَلَتْ لسَبَبٍ، وقَدْ لَا يُذْكَرُ فِيهَا ﴿يَسْأَلُونَكَ﴾ حسبَما ذُكِرَ فِي كُتُبِ التَّفسِيرِ.
وإذَا نزَلَتِ الْآيَةُ لسَبَبٍ: فهَلْ تَخْتَصُّ بذَلِكَ السَّببِ أَوْ تَكُونُ عَامَّةً لَهُ ولمِا يُشارِكُه في العِلَّة؟
الجَوابُ: تكُونُ عَامَّةً لَهُ ولمِا يُشاركُه في العِلَّة؛ ولهَذَا قَال العُلمَاءُ رَحِمَهم اللهُ: العِبرَةُ بعُمُومِ اللَّفظِ لَا بخُصوصِ السَّببِ.
فمَثلًا: أوَّلُ سُورةِ المُجادلَة نزَلَتْ في قِصَّةِ رَجُل مُعيَّن -أَوسِ بْنِ الصَّامِتِ-، فهَلْ نَقُولُ: إنَّ هَذَا الحُكمَ خاصٌّ به. أو نَقُولُ: إنَّه عامٌّ لَهُ ولمِنْ يُشارِكُه في المَعْنَى؟
الجَوابُ الثَّانِي؛ فكُلُّ مَنْ ظَاهَر مِنِ امرَأتِهِ فلَهُ حُكْمُ ظِهَارِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه -، وهذ قاعِدَةٌ تُفيدُك في استِعْمَال الاستِدْلَالِ فِي القُرآنِ الكَرِيمِ، وأنَّ الأَصْلَ هُوَ العُمُومُ.
٣ - القُرآنُ الكَرِيمُ لَهُ خَصَائِصُ كَثِيرَةٌ:
مِنْهَا: أنَّهُ لَا يَمَسُّه الإنسَانُ إلا عَلَى طَهَارَةٍ؛ يَعْنِي: أن المُحدِثَ لا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَمَسَّ المُصحَفَ حتَّى يَتوَضَّأ؛ لقَولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لعَمرِو بْنِ حَزْمٍ: "ألَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إلا طَاهِرٌ" (١) أي: طَاهِرٌ مِنَ الحدَثِ؛ لأَنَّ الطَّهارَةَ مِنَ الحَدَثِ تُسمَّى طهَارَة، كَمَا قَال سُبْحَانَهُ وَتَعَالى في آيَةِ الوُضوءِ والغُسْلِ والتيمم: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: ٦].
واستَثْنَى بعْضُ العُلماءِ رَحِمَهم اللهُ الصِّغارَ غَيرَ المُكلَّفِينَ، فقَال: لهمْ أَنْ يَمسُّوا