قال: ﴿لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ﴾ للعمومِ وللتَّسْجيلِ عليهم بما يَقْتَضيهِ الفِعْلُ، وهو الكُفْر.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿يَوْمَ الْفَتْحِ﴾ يعني: يومَ الفَصْلِ بيننا وبينكم والحُكْمِ: ﴿لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾.
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ﴾: ﴿يَوْمَ﴾ ظرفٌ منصوبٌ على الظَّرْفِيَّة، وعامِلُه قَوْلُه: ﴿يَنْفَعُ﴾؛ ومن هنا نأخُذُ فائِدَةً نَحْوِيَّة عظيمةً، وهي: أنَّ (لا) النافِيَةَ لا تَمْنَعُ عَمَلَ ما بَعْدَها فيما قَبْلَها.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ يُمْهَلونَ لتوبةٍ أو مَعْذِرَة] فإذا جاءَ العذابُ للمُكَذِّبين فإن ذلك لا يَنْفَعُهُم، فإذا جاء العذابُ، ولو قالوا: آمنا؛ قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ فإلى الآن نحن في قَضِيَّة معيَّنة، وليس هناك عمومٌ، لكن قال: ﴿سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ﴾ فقد مَضَتْ، يعني مَضَتْ سُنَّةُ الله عَزَّ وَجَلَّ، أمَّا من آمن بعد معايَنَةِ العذابِ، فإن ذلك لا يَنْفَعُه؛ كما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾ فليس له توبةٌ، وأمَّا قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ [النساء: ١٨] فواضحٌ أنَّهُم ماتوا على الكُفْرِ.
من فوائد الآيتين الكريمتين:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: فيها دليلٌ على سَفَهِ هؤلاء المكَذِّبين وحُمْقِهِم؛ لقولهم: ﴿مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ والإسْتِفْهامُ قلنا: إنَّه لِلإسْتِبْطاء والتَّحَدِّي للرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ومن كان معه.