تَشْكرونَ شُكْرًا قليلًا.
و(ما) هذه يقول المفسر رَحِمَهُ الله: [زائِدَةٌ مُؤَكِّدَة للقِلَّة] وهذا معروفٌ حتى في الأساليب العُرْفِيَّة الآن؛ تقول: (قليلًا ما... ) يعني: توكيدٌ لهذه القِلَّة، فـ (ما) زائِدَةٌ.
من فوائد الآيات الكريمة:
يُسْتَفاد من قَوْلهِ تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: كمالُ خَلْقِ الله تعالى؛ لأنه أَحْسَنَه.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ كلَّ مخلوقٍ خُلِقَ على ما يُناسِبُ حالَه، وَجْهُ الدَّلالة من الآية: أنَّه لو لم يكن الأَمْرُ كذلك لما كان إحسانُ خَلْقٍ، فإذا كان هذا كذا وضَمَمْتَها إلى آيةِ سُورَة طه وهي قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ يعني خَلْقَه المناسِبَ له، ﴿ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: ٥٠] أي: هداه لمصالحه المناسِبَة له، فلو أنَّ هناك مسابقَةً في وظيفَةٍ فلا تُسابِقُ فيه البَقَرُ؛ فليس مِن شَأْنها، لكن لو أُلْقِيَ عَلَفٌ في زاوِيةٍ من البيت تسابَقَت إليه؛ لأنَّ الله هدى كلَّ مخلوقٍ لما يناسِبُه.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تكذيب النَّظَرِيَّةِ الكاذِبَة، وهي نظريَّةُ دَارون الذي يقول: إنَّ الخَلْق نشأ بالتَّطَوُّر، وأنَّ أَصْلَ الإنسان قِرْدٌ، ثم صار على طول الزَّمَنِ إنسانًا، وعلى قاعِدَتِه لا ندري ماذا سيكون الإنسانُ على طول الزَّمَنِ؟ ! ولا شكَّ أنَّ هذه النَّظَريَّة باطِلَةٌ وكُفْرٌ بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ نأخذها من قوله تعالى ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ فلا أَصْدَق من هذه الآية شَيْء.


الصفحة التالية
Icon