الجوابُ: لا، ولكنْ بعد مُدَّة تَخْضَرُّ، وبعد مُدَّة يُوْلَدُ لهذا المتَزَوِّجِ؛ فكذلك قوله تعالى: ﴿إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا﴾ لا يلزم من ذلك أن يباشِرُوا فبمجرَّد التَّذْكير يَخِرُّونَ، بل المعنى أنَّهُم يَلْتَزِمونَ بذلك فإذا ذُكِّروا بها التَزَموا بذلك بالسَّمْعِ والطَّاعَة فسجدوا في مَوْضِعِ السُّجودِ ولم يوجد منهم استكبارٌ، وعلى هذا فلا إشكالَ في الآية.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿خَرُّوا سُجَّدًا﴾: ﴿سُجَّدًا﴾ حالٌ من فاعِلِ ﴿خَرُّوا﴾. وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَسَبَّحُوا﴾ معطوفٌ على: ﴿خَرُّوا﴾ ومعنى: سبَّحوا أي نَزَّهوا، فالمفعولُ محذوفٌ تقديرُهُ وسبحوا ربَّهُم؛ أي: سَبَّحُوا الله.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [مُتَلَبِّسينَ ﴿بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾] أفادنا المُفَسِّر بأنَّ الباءَ في قوله تعالى: ﴿بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ أنَّ الباء للمُلابَسَةِ؛ يعني: معناها أنَّ التَّصْديقَ مَقْرونٌ بالحَمْدِ، ولو أنَّه ذهب إلى أنَّ الباء للمصاحَبَة: وسَبَّحوا تسبيحًا مُصاحِبًا بِحَمْد ربِّهم؛ لكان أَوْلى.
وقوله: ﴿وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي قالوا: سبحانَ الله وبِحَمْدِهِ] ويُحْتَمَل ألَّا يكونَ المرادُ بالتَّسبيحِ والحَمْد: تسْبيحَ اللِّسانِ وحَمْدَه، وأنَّ المرادَ نَزَّهُوهُ بِقُلُوبهم وحَمِدُوه بألْسِنَتِهم، فنَزَّهُوه بقُلُوبِهِم عمَّا لا يليقُ به وحَمِدُوه بأَلْسِنَتِهِم بما يستحقُّه.
فقوله: ﴿خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ يعني: يَسْجُدون لله ويُسَبِّحونَه حالَ السُّجُود؛ ولهذا مما يُشْرَعُ في السُّجود أن تقول: "سُبْحانَكَ اللهمَّ ربَّنَا وَبِحَمْدِكَ" (١).
وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ الجملةُ حالٌ، يعني: والحالُ أنَّهُم: [﴿لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ عن الإيمان والطَّاعَةِ] بل ينقادون ويَخْضَعون.

(١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، رقم (٧٩٤)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، (٤٨٤)، من حديث عائشة - رضي الله عنهما -.


الصفحة التالية
Icon