وإنما اختلف هل يجب عقلًا أم شرعًا؟ والصواب أنها إنما تجب شرعًا بما دلت عليه هذه الآية ونحوها.
(٤٠) - وقوله تعالى: ﴿وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم﴾ [البقرة: ٤٠].
اختلف في تعيين هذا العهد، والصواب أن يقال قوله تعالى: ﴿وأوفوا بعهدي﴾ عام في جميع أوامره ونواهيه. وقوله: ﴿أوف بعهدكم﴾ هو أن يدخلكم الجنة. وهذه عدة من الله بالثواب، أوجبها تعالى لعبده تفضلًا منه، لأن عمل العبد بالطاعة يوجب له الثواب خلافًا لمن اعتقد من المعتزلة.
(٤٠) - وقوله تعالى: ﴿وإياي فارهبون﴾ [البقرة: ٤٠].
أمر تعالى عبيده أن يكونوا أبدًا على تخوف من عقابه فيعملوا ولا يتكلوا. وقد اختلف أهل المقامات ما الذي ينبغي أن يعتمد عليه الولي ويُغَلِّبُه في نفسه الخوف أو الرجاء؟ وسيأتي لهذا موضع يذكر فيه إن شاء الله تعالى.
(٤١) - وقوله تعالى: ﴿ولا تكونوا أول كافر به﴾ [البقرة: ٤١].
دليل خطاب هؤلاء لأنه لم يقل به أحد، وفي ذلك دليل على ضعف القول به خلافًا لمن رآه في هذا الموضع دليلًا معتمدًا عليه، ويمكن أن يكون لتخصيص النهي، بأن يكونوا أول كافر به فائدة، لأن النهي عن ذلك يدل وإن كان الكفر كله قبيحًا على أن أول السابق فيه أشد قبحًا وأعظم للإثم لقوله تعالى: ﴿وليحملن أثقالهم وأثقالًا مع أثقالهم﴾ [العنكبوت: ١٣] وقوله: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير