(٧٣) - قوله تعالى: ﴿فقلنا اضربوه ببعضها﴾ [البقرة: ٧٣].
فقيل: إنهم ضربوه، ويل: ضربوا قبره؛ لأن ابن عباس حكى أن أمر القتيل وقع قبل جواز البحر، وأنهم داموا في طلب البقرة أربعين سنة.
واختلف فيما ضرب به منها؟ فقيل باللحمة التي بين الكتفين، وقيل بالفخذ، وقيل باللسان، وقيل بالذنب، وقيل بعظم منها. وروي أن هذا القتيل لما حيي وأخبر بقاتله عاد ميتًا كما كان، وقد استدل مالك رحمه الله تعالى بهذه الآية على إعمال قول المقتول: دمي عند فلان، ولم يختلف قوله إنه لوث في العمد يوجب القسامة والقود. واختلف قوله في قبول دعواه في قتل الخطأ، وتابعه في دعوى العمد جميع أصحابه والليث بن سعد، وخالفه جمهور أهل العلم، واستدلوا لمذهبهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو يعطى الناي بدعواهم)) الخبر، وبالقياس على دعوى المال وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) وهذا كله مردود لأن المدعي ها هنا لم يعط بدعواه وهو ولي المقتول وإنما أعطي بما انضاف إلى دعواه من قول المقتول، والأصل في جميع الأحكام أن يبدأ باليمين من يغلب على الظن صدقه، كان مدعيًا أو مدعى عليه. فلما غلب صدق أولياء المقتول في دعواهم بسبب يدل على ذلك مثل تدمية المقتول، أو مثل السبب الذي حكم به رسول الله ﷺ في القسامة من العداوة بين المسلمين واليهود ونحو ذلك، وجب أنه يقبل قوله


الصفحة التالية
Icon