الحكم فيهن الإذاية على ما قدمنا، والأولى منسوخة باتفاق. الثانية أيضًا منسوخة إلا في قول من قال: إن الأذى والتعيير باقيان مع الجلد، لأنهما لا تعارض بينهما فلا يقع فيهما نسخ. وقد اختلف في كيفية ترتيب النسخ في هاتين الآيتين على أقوال ثمانية، فقيل: إن الآية الأولى في المحصنين والآية الثانية في البكريين ورجح الطبري هذا القول، وهو قول حسن لولا أن لفظ الآية ينبو عنه فيضعف؛ لأن قوله: ﴿واللاتي﴾ لا يعطي إلا النساء خاصة، والمؤنث لا يغلب على المذكر إلا في موضعين ليس هذا منهما إلا أن يريد أن اللفظ إنما هو للنساء خاصة ثم دخل الرجال في ذلك الحكم حملًا لهم على النساء، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((من أعتق شركًا له في عبد))، فلحقت به الأمة في ذلك من غير أ، يقال اللفظ جامع للرجال والنساء. وقد اختلف في تسمية مثل هذا قياسًا، وقرأ ابن مسعود: ﴿والذين يفعلونه منكم﴾، وعلى هذا القول لا يصح أن تكون إحدى الروايتين ناسخة للأخرى، لاختلاف الحكمين والمحكوم فيهما وتكون الآية الأولى منسوخة بأحد أمرين إما بالرجم المتواتر نقله المنسوخ في القرآن وتلاوته وعلى قول من ذهب إلى ما روي عن عمر بن الخطاب من قوله: ((الثيب والثيبة إذا زنا فارجموهما البتة))، وأنه كان قرآنًا فنسخ