الآية واحتج بها أكثرهم في أمر الخلع، واختلف المتأولون في الفاحشة المبينة ما هي؟ فقال قوم: هي الزنا، وقال قوم: الفاحشة المبينة ها هنا شتم العرض وأن تبذو عليه بلسانها أو تخالف أمره؛ لأن كل فاحشة وصفت في القرآن مبينة فهي في باب النطق. وكل فاحشة أتت فيه مطلقة لم تنعت بمبينة، فالمراد بها الزنا. وقال بعضهم: المراد بها الزنا والأذى والنشوز البذو باللسان وما أشبه ذلك. واختلف في قوله: ﴿إلا أن يأتين﴾ هل هذا الاستثناء متصل أو منفصل؟ وعلى هذا اختلف الفقهاء في الرجل إذا نشزت عليه امرأته أو أحدثت حدثًا من زنا أو غيره، هل له أن يضارها حتى تفتدي منه أم لا؟ فذهب مالك ومن تابعه إلى أنه ليس له ذلك، وأنه إنما له من ذلك ما كان لغير ضرر منه وطابت به نفسها؛ لقوله تعالى: ﴿فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا﴾ [النساء: ٤]، واختلف في الاستثناء على هذا القول، فقيل: هو متصل والآية تعطي جواز الإضرار حتى يأخذ ما أتاها، ولكن نسخ بالحدود وهو قول ضعيف، وإلى نحو هذا ذهب عطاء، وقيل: بل الاستثناء منفصل، والتقدير: ولكن إن أتين بفاحشة مبينة لكم أن تقبلوا منهن في الفداء ما طابت به أنفسهن. وذهب قوم من أهل العلم إلى أن الرجل إن أتت امرأته بشيء مما ذكرنا من زنا وغيره أن يضيق علها حتى تفتدي منه، وجعل الاستثناء أيضًا متصلًا، والآية محكمة.


الصفحة التالية
Icon