الخلاف، واختلف في الصلاة إذا لم يجد ماء ولا ترابًا كحال المكتوف والمحبوس والمهدوم عليه والغريق ومن أشبههم على أربعة أقوال، فقالت طائفة: يصلون إيماء بغير وضوء أو تيمم، كصلاة الطالبين للعقد ولا إعادة عليهم، وهو قول ابن نافع وسحنون، وحكي عن أشهب مثله. وقالت طائفة: يصلون وعليهم الإعادة، وهو قول ابن القاسم وأكثر أصحاب مالك، وهو قول الشافعي. وقالت طائفة: لا يصلون حتى يجدوا ماء أو ترابًا، فإذا وجدوا ذلك صلوا، وهو قول أبي حنيفة وأصبغ بن الفرج الحصري. وقالت طائفة: لا يصلون ولا إعادة عليهم. قال ابن خويز منداد: وهو الصحيح عن مالك فوجه قول أشهب وابن القاسم قوله تعالى: ﴿وأقيموا الصلاة﴾ [البقرة: ٤٣]، فعم. ووجه القول بأنه لا تصح منه الصلاة قوله تعالى: ﴿لا تقربوا الصلاة﴾ إلى قوله: ﴿حتى تغتسلوا﴾، وإلى قوله: ﴿فتيمموا﴾، فمنع قرب الصلاة إلا بوضوء أو بتيمم. واختلف فيمن كان معه من الماء ما لا يكفيه لجميع أعضائه، فقال مالك: يتيمم، وللشافعي مثل ذلك، وقال الشافعي في أشهر قوليه: يغسل ما أمكنه ويتيمم لما بقي من أعضائه، وبه قال أبو حنيفة. ودليلنا قوله تعالى: ﴿فلم تجدوا ماء فتيمموا﴾، ولم يجعل بينهما واسطة. واختلف إذا كان أكثر الجسد جريحًا ولم يبق إلا مثل يد أو رجل، هل يتيمم أم لا؟ فذهب مالك إلى أنه يتيمم. وقال الشافعي: يغسل الصحيح منه ويتيمم للباقي، والحجة لهذا كالحجة للمسألة قبلها.


الصفحة التالية
Icon