وتذكيته فلم يفعل هذا حتى مات فلا يؤكل، وإن لم يقدر على تخليصه وتذكيته حتى مات أكل، ومن حجة من يجيز عموم الآية؛ إذ لم يفرق، وحجة مالك رحمه الله أنه لما رأى الصيد وكان يقدر على تخليصه رآه مثل سائر الحيوان المقدور عليه الذي لا يؤكل إلا بالذكاة المعروفة. واختلف في الكلاب إذا نيبت الصيد ولم تجرحه أو صدمته أو ضربه الرجل بسيفه ولم يدمه، فقال ابن القاسم: ليس بذكي. وقال أشهب: يؤكل وهو مذكى، فأجاز ذلك أشهب؛ لظاهر قوله تعالى: ﴿فكلوا مما أمسكن عليكم﴾ الآية. وهذا إمساك، وقول النبي ﷺ لعدي: ((كل ما أمسك عليك كلبك، فإن أخذه ذكاة))، والقول الأول أحسن لقوله تعالى: ﴿وما علمتم من الجوارح مكلبين﴾، فالمفهوم منها ما جرح، ولأن الغالب المعتاد فيها أنها تجرح في حين الاصطياد فوجب ما تعليق الحكم بالغالب. واختلف في كلب المجوسي واليهودي والنصراني إذا كانوا قد علموه فصاد به مسلم، فكره ذلك جماعة، وكأنهم رأوا أن الآية لا تقتضي من الكلاب إلا ما علمه المسلمون؛ لأن قوله تعالى: ﴿وما علمتم من الجوارح مكلبين﴾، فالمفهوم خطاب المسلمين. وأجازه فقهاء الأمصار، ورأوا أن المراد بذلك ما علم من الكلاب سواء علمه مسلم أو غيره إذا ولي الصيد به مسلم.