سورة نزلت براءة وآخر آية نزلت آية الكلالة. وحكي أن أعرابيًا سمعها فقال: أظن هذه من آخر ما أنزل. فقيل له لم تقول ذلك فقال أرى أشياء تنقض وعهودًا تنبذ.
(١) - قوله تعالى: ﴿براءة من الله ورسوله﴾ الآية:
هذه الآية اقتضت تقدم عهد بين النبي ﷺ وبين المشركين أن النبي ﷺ نقضه، إلا أنه اختلف في سبب النقض. والجمهور على أنه ما أراده المشركون من النقض. وقال بعضهم سببه أن النبي ﷺ لما أراد أن يحج لقابل أجله وكان المشركون يطوفون بالبيت عراة، والتعري محض شرك وكفر، فاقتضى ذلك نقض العهد. وهذا باطل لأنه لا يجوز لرسول الله ﷺ نقض العهد لهذه العلة فإن من التمكن أن يخلي البيت ساعة طوافه ولا يمكن المشركين من الطواف فيما له استحالة كما طاف في عمرة القضاء وأخلى المشركون له البيت.
(٤) - وقوله تعالى: ﴿ثم لم ينقصوكم شيئًا ولم يظهروا عليكم أحدًا﴾:
يدل على أن الذين تقدم ذكرهم ووقع منهم مظاهرة أو مخاتلة خداع تقتضي نقض العهد والإخلال به. ولذلك قال: ﴿كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله﴾ الآية [براءة: ٧] فإن قيل فإذا نقض العهد فلم أجلوا أربعة أشهر؟ فالجواب أنه جاز الإمهال تلك المدة لما فيه من المصلحة من تدبر من أمهل وعاقبة أمره وعسى أن يكون ذلك داعية إلى الإسلام وإذا صح هذا فقد اتفق المفسرون لهذه الآية أن هذا التأجيل الأربعة أشهر دخل فيه من كان بينه وبين النبي ﷺ عهد وظهر منه أو تحسس من جهته نقض وكان مدة عهده ينصدم عند انقضاء الأربعة أشهر أو قبلها. واختلف في من كان من هؤلاء عهده يتمادى بعد الأربعة أشهر. فقيل- وهو قول الجمهور- إنه داخل فيمن ضرب له الأربعة أشهر. وقيل من كان عهده