يجلون من جزيرة العرب خاصة وهو قول الشافعي قال لا يمنعون من الاجتياز بها مسافرين ولا يقيمون أكثر من ثلاثة أيام. وأما مكة وحرمها فلا يدخلونها لا مقيمين ولا مجتازين، وإن دفن بها ذمي ينبش قبره. وفي وجوب نبشه قولان. وقيل بل يجلون من كل البلاد التي اختطها المسلمون ولم تكن لأهل الكتاب فزل عليهم المسلمون وهو قول يحيى بن آدم.
فأما القول الأول فحجته دليل خطاب الآية لأنه يقتضي الكف عنه بأداء الجزية، وفي الكف عنه أن لا يجلوا. وتأولوا ما جاء من الأحاديث ما يخالف ذلك. وحجة القول الثاني -وإليه ذهب الطبري- ما جاء عن النبي ﷺ فيقوله عند موته: ((أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)) ولم يقر دينين بأرض العرب. وقال ليهود خيبر ((أقركم ما أقركم الله))، وكان شطر القضاء فيهم. قال عمر بينا نحن في المسجد وخرج رسول الله ﷺ فقال: ((انطلقوا بنا إلى يهود)) فخرج حتى جئنا بيت المدارس فقال: ((أسلموا تسلموا واعلموا أن الأرض لله ولرسوله وأني أريد أن أجليكم من هذه الأرض فمن وجد منكم بماله شيئًا فليبعه وإلا فاعلموا أن الأرض لله ولرسوله)). قال الطبري: وإنما خص النبي ﷺ جزيرة العرب بالذكر لأن الإسلام لم يكن يومئذ ظهر في غيرها ظهور قهر، فكل بلد ظهر فيه الإسلام وجب أن يصنع فيه ما قال رسول الله ﷺ في جزيرة العرب. قال الطبري:


الصفحة التالية
Icon