رآها عوض عن حقن الدم أوجبها بأول الحول. واستدل بعضهم على وجوبها بأول الحول بقوله تعالى: ﴿حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾ وقال: إن لفظ الإعطاء إذا أطلق الظاهر فيه قبض العطية دون تأخيرها، ولو كان احتماله للوجهين احتمالًا واحدًا لكان قوله عز وجل: ﴿عن يد﴾ دليلًا على أن المراد به القبض، لأن من قال أعطيت فلانًا عن يد يفهم منه تعجيل العطية ودفعها إلى المعطى قال: وهذا الذي يأتي على مذهب مالك. ورد غيره عليه استدلاله بالآية وقال: لا يصح ذلك لأنه تعالى عم الجزية ولم يخص شيئًا دون شيء فوجب بحق الظاهر أن تكون كلها معجلة فيكون معنى الإعطاء القبض والدفع أو تكون كلها مؤجلة فيكون الإعطاء بمعنى الإيجاب دون القبض والدفع كما في قوله تعالى: ﴿إنا أعطيناك الكوثر﴾ [الكوثر: ١] فلما بطل أن تكون كلها مؤجلة ل يتنجز شيء منها إذ لا يصح في عقل عاقل أن يقول إن ظاهر لفظ الإعطاء قبض بعض المعطى وتأخير بعضه. وإذا لم يصح ذلك بقوله تعالى: ﴿عن يد﴾ لا دليل فيه وإنما معناه عن غلبة وفهر أو إنعام أو أن يدفعوه بأيديهم ولا يرسلوها إذلالًا لهم. قال فالآية حجة على ضدها قال وهذا الخلاف في الجزية الصلحية داخل في الجزية العنوية والذي رد عليه استدلاله بالآية قد زعم أن الخلاف إنما هو في الصلحية خاصة، وليس كذلك ومتى منع الذمي الجزية رجع الأمر بالقتال على أوله وهو مقتضى الآية، ولئن أسلم بعد التزام الجزية ووجد بها عليه إما بأوله أو بآخره. فذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنها تسقط عنه بدليل قوله تعالى: ﴿حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾ ولا خلاف أنهم إذا أسلموا فلا يؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون. وذهب الشافعي إلى أنها لا تسقط ويؤخذ بها بعد إسلامه لكنه لا يرى أنها تؤخذ منه على الوجه الذي ذكره الله تعالى وإنما يقول إنها دين عليه وجب بسبب سابق كسائر


الصفحة التالية
Icon