الثلاثة. واختلف لم أخبر الله تعالى أن عدة الشهور عند الله اثني عشر شهرًا؟ فقيل تخفيفًا لأمرها وليس عدد الحرم منها. وقيل إنما أخبر الله تعالى بذلك لأن العرب ق كانت تجيء سنتهم من ثلاثة عشر شهرًا وذلك إن كان يحل لهم المحرم ويحرم لهم صفر وذلك من فعل النساء يستقبلون سنتهم من صفر ويسمونه المحرم ثم يسمونه سائر الشهور كذلك بغير أسمائها فكانت السنة تأتيهم على الحقيقة من ثلاثة عشر شهرًا أولها المحرم المحلل، وهذا قول مجاهد وغير فلذلك قال تعالى: ﴿إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا﴾ الآية وقوله تعالى: ﴿فلا تظلموا فيهن أنفسكم﴾ اختلف في الضمير في فيهن هل يعود على الأقرب إليه وهي الأربعة أشهر أم على الأبعد منه وهي الإثني عشر شهرًا؟ فإذا عادت على الأبعد فالمعنى لا تظلموا أنفسكم في الدهر كله فيكون هذا محكمًا بلا خلاف. وإذا قلنا إنه يعود على الأربعة أشهر الحرم فهل هو محكم أم لا؟ فيه قولان: أحدهما أنه محكم. والذين قالوا هذا اختلفوا في المعنى.
فقيل المعنى أنه نهى عن الظلم في هذه الأشهر تشريفًا لها بالتخصيص بالذكر وإن كان منهي عنه في كل زمان وهو قول قتادة. وقيل معنى فيهن: بسببهن ومن أجلهن في أن يحلوا أحرمها ويعدلوها بالأحرمة له وهو قول الحسن. والثاني أنه منسوخ، قال من زعم ذلك: المعنى لا تظلموا فيهن أنفسكم بالقتال ثم نسخ بفرض القتال. ومما يعضد هذا القول ما حكى الطبري من أن رسول الله ﷺ كان يحرم القتال في هذه الأشهر لما أمر الله تعالى في ذلك حتى نزلت براءة. وقوله تعالى: ﴿وقاتلوا المشركين﴾ معناه جميعًا. واختلف في هذا هل هو منسوخ أيضًا أم لا؟ فقيل هو منسوخ لأن الفرض بهذه الآية قد كان توجه على الأعيان ثم نسخ ذلك بعد وجعل فرض