لعموم قوله تعالى: ﴿إنما الصدقات للفقراء﴾ فعم.
واختلف في قدر ما يعطى الفقير من الصدقة، فروى علي بن زياد وابن نافع عن مالك أن ذلك على قدر الاجتهاد، وقد يقل المساكين وتكثر الصدقة. وروى عنه المغيرة أنه يعطى أقل من النصاب ولا يبلغه. والقول الأول أجرى على ظاهر الآية. وهل يصدق الرجل في أنه واحد من الأصناف التي ذكر الله تعالى أم لا؟ فنقول أما من يدعي الفقر ففيه قولان: أحدهما: أنه يصدق ولا يكلف ببينة، والثاني: أنه لا يصدق إلا ببينة أن يقول مفهوم الآية أن الصدقات إنما هي لمن يعلم من هذه الأصناف. وحجة القول الأول أن هذا من حقوق الله، وحقوق الله تعالى أخف من حقوق الآدميين خاصة فلذلك يصدق في حقوق الله تعالى ولا يصدق في حقوق الآدميين خاصة. وأيضًا فإن الناس في حقوق الآدميين محمولون على الغنى حتى يثبت العدم. وذلك ظاهر قوله تعالى: ﴿وإن كان ذو عسرة﴾ الآية [البقرة: ٢٨٠] وإن ادعى أنه ابن سبيل ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يصدق إل ببينة، والثاني: أنه يصدق إن كانت عليه هيئة الفقر. وقال مالك في المجموعة: وأين يجد من يعرفه. وحجة القول الأول مفهوم الآية وإن ادعى أنه شيء من الأصناف الباقية لم يصدق إلا ببينة، ولم أر في هؤلاء خلافًا. وهذه الأصناف التي ذكرها الله تعالى أن الزكاة بينهم تبدأ عليهم كلهم، العاملون منهم ثم الفقراء والمساكين على العتق لأن سد خلة المؤمن أفضل العتق، وغن كان هناك مؤلفة بدئ بهم على من عدى العاملين لأن الإدخال في الإسلام أفضل من سد خلة الفقير. وقد يبدأ بالغرم إذا خشي على الناس. وقد يبدأ بابن السبيل على