حجة لمن يرى المعاريض. وقد تقدم الكلام على هذا الفصل مستوفيًا. وفي هذه الآية عندي إباحة سؤال الكافر ومبايعته وإحسان القول إليه إذا خيف منه.
(١٠١) - قوله تعالى: ﴿توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين﴾:
اختلف هل في هذه الآية تمني الموت أم لا؟ فذهب قوم إلى أنه ليس فيها تمني موت وأن معناها توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين متى توفيتني. فالآية على هذا محكمة بلا خلاف. وقيل فيها تمني معنى الموت. وقال ابن عباس: لم يتمن الموت نبي قط غير يوسف. والذين ذهبوا إلى هذا اختلفوا هل الآية منسوخة أم محكمة؟ فذهب جماعة إلى أن حكمها باق وأن يوسف تمنى الموت تشوقًا إلى ربه، قالوا وهذا جائز أن يتمنى الإنسان الموت إما تشوقًا أو خوفًا على دينه، فأما لضر نزل به فلا. وذهب قوم إلى أنه منسوخ بقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) وهذا ضعيف لأن خبر الآحاد لا ينسخ به القرآن. وأيضًا فإن في الحديث لضر نزل به، وليس في الآية ضر نزل بيوسف عليه السلام. فإن أرادوا أن الآية محمولة على ذلك وأن الحديث نسخها فهذا تحكم ظاهر الفساد. وإن أرادوا أن تمني الموت لا يجوز عمله على أي حال كان، وإن إباحته منسوخة بالحديث فليس كذلك لأنه قد قيد في الحديث ولم يقيد في الآية. فتحمل الآية على ما يصح ويحمل الحديث في الذي جاء فيه، وقد روي عن النبي ﷺ في بعض دعائه: ((وإذا أردت بالناس