تعالى الخيل والبغال والحمير بالركوب دليل على أنه لا يجوز أكلها، وهذا كله الذي يسميه الأصوليون دليل الخطاب، وبينهم في القول به خلاف وعلى ذلك اختلفوا في أكلها على ثلاثة أقوال: المنع والكراهة -والقولان في المذهب- والجواز، وبالتحريم قال أصحاب أبي حنيفة، واحتج بعضهم بالآية وزعم أن فيها دلالة على ذلك. وبالجواز قال أصحاب الشافعي وأنكروا دلالة الآية، وقالوا إنما لم يذكر الله تعالى الأكل منها كما ذكره في الأنعام لأنها لا تعد لذلك عرفًا وإنما تؤكل إذا أصابتها زمانة. واختلف في ركوب الإبل، والجمهور على إباحته وحجتهم عموم الآية.
(١٤) - قوله تعالى: ﴿وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحمًا طريًا﴾ إلى قوله: ﴿ولعلكم تشكرون﴾:
وقد مر الكلام على جميع أحكام هذه الآية إلا قوله تعالى: ﴿وتستخرجون منه خلية تلبسونها﴾. يريد بالحلية الجوهر والمرجان والصدف والصوف البحري ونحو ذلك مما يخرج من البحر، فأباح لباسها. وقد اتفق أهل العلم على إباحة التحلي بالجوهر للنساء بدليل هذه الآية لأنه تعالى قال: ﴿تلبسونها﴾ فأباح لباسها، والجوهر من جملة ذلك، ودليل آخر غير الآية. واختلفوا في إباحة ذلك للرجال بالآية يستدل على إباحته. وقد احتج بهذه الآية أبو يوسف ومحمد والشافعي فيمن حلف لا يلبس حليًا فلبس لؤلؤًا فإنه يحنث بتسمية الله تعالى إياها حليًا. وأبو حنيفة لا يرى


الصفحة التالية
Icon