بعد القراءة وإنما يبدأ بها ثم بالقراءة. وقد اختلف في التعوذ هل هو واجب قبل القراءة أم لا؟ فالجمهور أنه ليس بواجب وإنما هو مندوب إليه، وحملوا الأمر في الآية على الندب. وذهب عطاء إلى أنه واجب قبل القراءة وحمل الأمر في الآية على الوجوب. واختلف الذين رأوه على الندب هل يتعوذ في الصلاة قبل الفاتحة أم لا؟ فعندنا أنه لا يتعوذ إلا في النفل لمن شاء، وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أنه يتعوذ، وحجتها عموم الآية. وروى أبو سعيد الخدري أن النبي ﷺ كان يتعوذ في صلاته قبل القراءة واختلف القائلون بالاستعاذة هل ذلك في كل ركعة أم لا؟ فقيل: يستعاذ في أول ركعة خاصة. وقيل: يستعاذ في ركعة وهو قول ابن سيرين، وحجة هذا القول عموم الآية. واختلف في لفظ الاستعاذة، فقيل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإليه ذهب الأكثرون. وروى جبير بن مطعم عن أبيه أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ حين افتتح الصلاة قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه)) وقال إسماعيل القاضي التعوذ: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. وما قام هذا المقام.
قوله تعالى: ﴿من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم﴾:
ذكر قوم من المفسرين أن الآية نزلت في أناس من أهل مكة آمنوا فكتب إليهم بعض أصحابهم بالمدينة لستم منا حتى تهاجروا إلينا، وكان فيهم عمار بن ياسر وغيره. فخرجوا يريدون المدينة فأدركتهم قريش في الطريق ففتنوهم على الكفر مكرهين فنزلت الآية: {إلا من أكره


الصفحة التالية
Icon