ذلك أبدًا، وروي مثله نصًا عن ابن عباس. واحتج من ذهب إلى هذا بقوله تعالى: ﴿واذكر ربك إذا نسيت﴾ وبما جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((والله لأغزون قريشًا)) ثم سكت، ثم قال: ((إن شاء الله)). والصحيح من هذه الأقوال ما ذهب إليه مالك رحمه الله تعالى، وقد أبطل الناس سائر الأقوال وأبطلوا حججها بما يضيق هذا الكتاب عن بسطه، فمن أراد طلبه في مظانه قال الطبري: وأعلم أحدًا ممن يقول ينفع الاستثناء بعد مدة، يقول بسقوط الكفارة قال: ويرد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ((من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليكفر عن يمينه وليأتي الذي هو خير)) فلو كان الاستثناء على ذلك أن يدخل به الحالف في رتبة المستثنين بعد مدة حلفه خاصة.
وذهب جماعة إلى أن مذهب ابن عباس سقوط الكفارة وألزموا كل من يقول بجواز الاستثناء بعد مدة القول بإسقاط الكفارة، والقول بإسقاط الكفارة أصح على قول من يقول في جواز الاستثناء بعد مدة لظاهر الآية إذا حملت على ذلك. والاستثناء في المشهور إنما هو عامل في اليمين بالله تعالى. واختلف في اليمين بغير الله من طلاق أن عتاق أو مشي إلى مكة ونحو ذلك هل ينفع فيه الاستثناء أم لا؟ ففي المذهب إنه لا ينفع، وذهب الشافعي وأبو حنيفة وغيرهما إلى أنه ينفع. وإذا حمل قوله تعالى: ﴿إني فاعل ذلك غدًا * إلا أن يشاء الله﴾ على اليمين فهو حجة لمن حمله على اليمين مطلقًا بما كانت، ورأى الاستثناء نافعًا في ذلك. إلا أن الأظهر ما قدمناه. وقال بعض الشيوخ المتأخرين اختلف في اليمين في الطلاق أنه يصح فيه الاستثناء بالمشيئة أم لا على قولين، والأصح منهما في النظر أنه يصح فيه إذا صرف الاستثناء إلى الفعل لا إلى نفس الطلاق لأنه علق