(٩٢)، (٩٣) - قوله تعالى: ﴿وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدًا *" إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا﴾:
فيه دليل على أن العبودية والبنوة لا تجتمع لأنه تعالى رد بهذه الآية إضافة الطفرة إليه الولد سبحانه، فدل على أن الولد لا يكون مملوكًا لأبيه، فإذا لمكه أعتق عليه. فإذا كان ذلك في الابن فالأب أولى. وهذه مسألة قد اختلف فيها، أعني عتق الأقارب جملة. فأنكره جماعة من أهل الظاهر وتعلقوا بقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يجزي ولد عن والده إلا أن يجده مملوكًا فيعتقه)) وأثبته الجمهور واختلفوا فيه. ففي المذهب ثلاثة أقوال المشهور منها عن مالك: أن العتق يحتص بعمودي النسب والأخوة. والثاني: أنه يختص بعمودي النسب خاصة، ذكره ابن خويزمنداد. والثالث: يتعلق بذوي الأرحام المحرمة، ذكره ابن القصار. وبما حكاه ابن خويزمنداد قال الشافعي، وبما ذكره ابن القصار قال أبو حنيفة. فأما حجة من أنكر العتق بالحديث فضعيفة لأنه وإن كان أضاف العتق إلى الأب فليس المعنى أن ذلك باختياره بل أضاف العتق إليه لأنه كان عن أمر يكتسبه ويفعله وهو الشراء. وقد جاء في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: ((من ملك ذا رجم محرم عليه فهو حرام)). وأما ما حكاه ابن القصار فحجته هذا الحديث. ومن حجة القول المشهور: أما في عتق البنوة فالآية التي ذكرناها وأم عتق الأبوة فقوله تعالى: ﴿وبالوالدين إحسانًا﴾ [الإسراء: ٢٣] وقوله تعالى: ﴿فلا تقل لهما أف﴾ [الإسراء: ٢٣]. وأما عتق الأخوة فلقوله تعالى: ﴿إني لا أملك إلا نفسي وأخي﴾ [المائدة: ٢٥] وبهذا تعلق اصحاب مالك في المسالة.