وعدلًا إذا علم أن الحاصل منه في جميع السنة ما تلف على صاحب الزرع، وذلك لا يدركه علام الغيوب ولا يدرك بالاجتهاد. ويتعلق بهذه الآية رجوع الحاكم بعض قضائه إلى اجتهاد آخر أرجح منه، فإن داود عليه السلام قد فعل ذلك في هذه النازلة. وقد اختلف في ذلك، فقال ابن مطرف وابن الماجشون ذلك له ما دام في ولايته، وهو ظاهر قول مالك. وقال سحنون وابن عبد الحكم ليس له ذلك إذا وافق قولًا. وقال أشهب إن كان ذلك في مال فله نقض الأول إن كان في نكاح أو طلاق أو عتق فليس له نقضه. وحجة القول الأول الآية، وما كان من داود من الرجوع.
(٧٨) - قوله تعالى: ﴿إذ نفشت فيه غنم القوم﴾:
النفش بالليل، والهمل بالنهار وقيل في الليل والنهار. وقد رأى بعضهم أن هذه الآية اقتضت تضمين أرباب المواشي ما أفسدت بالليل دون النهار وكذلك سائر الدواب. قال لأن النفش لا يكون إلا بالليل. وهذه مسألة قد اختلف فيها عندنا على أقوال: أحدها: أن كل دابة مرسلة فاحبها ضامن ليلًا كان أو نهارًا يضمن قيمة ما أفسدت كائنًا ما كان، وإلى نحو هذا ذهب عطاء. والثاني: أن صاحبها ضامن ليلًا كان أو نهارًا ولا يضمن بأكثر من قيمة الدابة وهو قول الليث بن سعد. والثالث: أنه ضامن لما أصابت بالليل ما عدا الدماء ولا يضمن ما أصابت بالنهار وهو قول مالك والشافعي. والرابع: أنه غير ضامن ما أصابت ليلًا كان أو