فعلى هذه التأويلات لا تقتضي الآية التحليل فيما عدا المذكور، وما ورد من سائر المحرمات مضاف إليها. وعلى ما ذكرناه من الاختلاف في تأويل الآية ينبني اختلاف العلماء في تحريم أشياء وتحليلها. فمن ذلك السباع اختلف فيها. فعندنا فيها روايتان: أحدهما الكراهة والثانية التحريم. وأبو حنيفة يقول بالتحريم وذهب الشافعي إلى أن الضبع والثعلب حلال دون غيرهما. وعن عائشة رضي الله تعالى عنها كانت لا ترى بلحوم السباع والدم ويكون في أعلى العروق بأسًا. وقرأت هذه الآية ﴿قل لا أجد في ما أوحي إلي محرمًا﴾ الآية. فالقول بالتحليل على القول بدليل خطاب الآية. ولكن مالكًا ذهب إلى الكراهة إذ لم يقو عنده دليل الخطاب ورأى ما يعارضه. والقول بالتحريم على ما جاء عن النبي ﷺ عن أكل كل ذي ناب من السباع. وفي حديث الموطأ: ((أكل كل ذي ناب نت السباع حرام)). وفي هذا الحديث ضعف ومن قال بهذا رأى الآية إما منسوخة وأما مخصوصة بزمان وإما خارجة عن سبب وإما لم يقم بدليل خطابها. ومن ذلك كل ذي مخلب من الطير، اختلف فيه. فعندنا أن أكله حلال وذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أنه حرام. وحجة القول الأول قوله تعالى: ﴿قل لا أجد في ما أوحي إلي محرمًا﴾ الآية. فأما ما جاء عن النبي ﷺ من النهي عن أكل كل ذي مخلب من الطير فلعله نهي تنزيه إذ قد يصيد من ذوات السموم ما يخشى منه على أكلها. وحجة القول بالتحريم قول الصحابة رضي الله تعالى عنهم: نهى رسول الله ﷺ عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، ورأى من قال ذلك النهي على التحريم، وفيه خلاف بين