فإنما دعوا لمنافع خاصة لله عز وجل ثم رخص لهم بعد ذلك في التجارة حين توقى الناس أن يتشاغلوا بها في الحج فأنزل الله تعالى: ﴿ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلًا من ربكم﴾ [البقرة: ١٩٨] فأرخص لهم في ذلك. وقد كانت الجاهلية لا يستحلون التجارة في الحج. واختلف في ذكر اسم الله ما هو. فقيل هو بمعنى حمده شكره على نعمته في الرزق ويؤيد قوله عليه الصلاة والسلام: ((إنها أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى)) وقيل المراد ذكر اسم الله على النحر والذبح. واستدل بعضهم من ذكره تعالى في هذه الآية الأيام دون الليالي على أن الذبح في الليل لا يجوز وهو مشهور مذهب مالك، وأجاز ذلك الشافعي وغيره، وقد مر الكلام على هذه المسألة وعلى الأيام المعلومات والمعدودات بما أغنى عن ذكره هنا.
(٢٨) - (٣٠) - قوله تعالى: ﴿فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير... ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿واجتنبوا قول الزور﴾:
قوله تعالى: ﴿فكلوا منها﴾: أمر إباحة بالأكل من الهدايا. وقد اختلف العلماء فيما يؤكل من الهدي الواجب مما لا يؤكل. فذهب مالك إلى أنه يؤكل منها كلها إذا بلغت محلها إلا من ثلاثة أنواع: جزاء الصيد ونسك الأذى ونذر المساكين. وذهب أحمد وغيره إلى أنه يؤكل منها إذا بلغت محلها إلا من جزاء الصيد والنذر، وروي عن الحسن مثله. وذهب الحسن أيضًا في رواية عنه إلى أنه يؤكل من جزاء الصيد ونذر المساكين.


الصفحة التالية
Icon