كما قال، وفي القرآن ﴿حتى تنكح زوجًا غيره﴾ [البقرة: ٢٣٠] وبينه النبي ﷺ أنه بمعنى الوطء. وقد مر الكلام عليه في سورة البقرة. وقال عبد الله بن عمر وروي عن ابن عباس أيضًا وغيره أن الآية نزلت في قوم مخصوصين كانوا في الجاهلية يزنون ببغايا مشهورات فلما جاء الإسلام أسلموا ولم يمكن تلزنا وكانوا ففقراء أرادوا زواج أولئك النسوة لفقرهم إذ كان من عادة أولئك النساء الإنفاق على من يتزوجهن، فنزلت الآية بسببهن. والإشارة بالزاني إلى أحد أولئك وحمله عليه اسم الزاني الذي كان في الجاهلية. والنكاح في الآية على هذا القول التزوج وفي الآية على هذا التأويل معنى التوجع عليهم والتوبيخ لهم كأنه قال أي مصاب هذا الزاني لا يريد أن يتزوج إلا زانية أو مشركة، أي تنزع نفوسهم إلى هذه الرذائل.
وقوله تعالى: ﴿وحرم ذلك على المؤمنين﴾ أي نكاح أولئك البغايا. فيزعم أهل هذا التأويل أن نكاح أولئك البغايا حرمه الله تعالى على أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وحكى الطبري عن ابن عباس في سياق هذا القول أنه كانت لهم بيوت في الجاهلية تسمى المواخير فكانوا يؤجرون فيها وكانت بيوتًا معلومة للزنا فحرم الله تعالى ذلك على المؤمنين.
ومقتضى هذا القول أن الزاني لا يتزوج زانية ولا مشركة، والزانية لا تتزوج زانيًا ولا مشركًا، إلا أنه قال إنها وردت في قوم مخصوصين، والعام إذا خرج على سبب خاص قد اختلف فيه يحمل على عمومه أو يقصر على سببه. وإذا حمل على عمومه فلا يجوز على هذا أن يتزوج الزاني الزانية ويجوز أن يتزوج العفيفة، كذلك العكس. وكذلك روي عن ابن مسعود أنه قال في الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوجها: إنهما زانيان ما عاشا. وروي مثله عن عائشة وعلي والبراء، وروي عن ابن مسعود أنه إذا تاب حل له أن يتزوج من أولئك البغايا. والبغايا المذكورات: عناق، واسم الذي