الرجال والنساء سواء؟ فقيل هي في النساء لقوله: ﴿والمحصنات﴾ وهذا لا يكون إلا في النساء. وخصهم الله تعالى بالذكر إذ كان رميهم بالفاحشة أنكر في النفس وأشنع، وقذف الرجل داخل في حكم الآية بالمعنى والإجماع، وهذا نحو نصه تعالى على لحم الخنزير ودخل شحمه ودماؤه وغضاريفه ونحو ذلك من أعضائه في ذلك المعنى وبالإجماع، ومثل قوله تعالى في الإماء: ﴿فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب﴾ [النساء: ٢٥] والعبيد مثلهن باتفاق. ومثله قوله عليه الصلاة والسلام: ((من أعتق شركًا له في العبد)) والأمة مثله باتفاق. وقد اختلف هل يسمى مثل ذلك قياسًا أم لا؟ وقيل بل الآية في الرجال والنساء وأن المعنى فيها: والذين يرمون الأنفس المحصنات، فهي تعم بلفظها النساء والرجال. وقوله تعالى: ﴿والذين يرمون﴾ عام في كل بالغ عاقل مسلم أو نصراني. إلا أنه اختلف في العبد هل هو مخصص من هذا اللفظ أم لا. فذهب ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز ومن قال بقولهما إلى أنه غير مخصص من لفظ الآية وأن حده في القذف ثمانون جلدة كما نص في الآية، وبه قال الأوزاعي. وذهب الجمهور إلى أنه مخصص منها بقوله تعالى: ﴿فعليهن نصف ما على المحصنات﴾ [النساء: ٢٥] وأن حده نصف حد الحر أربعون.
وقوله تعالى: ﴿والمحصنات﴾ أراد باللفظ أهل العفة وقد اتفقوا على أن من قذف -من ثبت عليه الزنا- بالزنا الذي قد ثبت أنه لا حد عليه لأن العفة من ذلك لم تقع بوجه. واختلفوا إذا قذفه بزنا آخر غير الذي ثبت عليه. فالمشهور أنه لا حد على القذف، وقيل يحد لأن سقوط العفة في ذلك لم تعلم، وإلى نحو هذا ذهب أبو ثور. والقول الأول أصح لأن العفة بظاهر هذا الزنا الثابت قد سقطت ولا حد على من قذف غير عفيف بقوله


الصفحة التالية
Icon