قوله تعالى: ﴿وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا﴾:
الجاهلون عام في الكفار وغيرهم من جاهلي المؤمنين. واختلفوا في معنى سلامًا. فقيل معناه تسلمًا أي براءة وقيل معناه أن يقال لهم قولًا سدادًا أي كلامًا برفق ولين. وقيل إنه يحتمل أن يراد به التحية، قاله بعض شيوخنا المتأخرين. وهذا القول في حق الجاهليين من المؤمنين محكم غير منسوخ لأن حمل جفاء المسلم حسن ما لم يعد بمضرة. ولا بأس أن يسلم عليه بالتحية ويقابل بالقول الحسن. قال بعض شيوخنا وكذلك هي في حق الذمي الآية محكمة لأن الله تعالى قد أذن في ملاينته وبره ولا في احتمال جفائه فإن ذلك لا يجوز لمسلم بحال. وأما الحربيون فالآية منسوخة في حقهم باتفاق وهذا من باب تخصيص العموم، والمفسرون يسمونه نسخًا وقد اختلف المفسرون في ذلك. والذي اعتمد عليه المفسرون أنها منسوخة في الكفار بآية السيف لأنها اقتضت الموادعة والمسالمة. وقد ذكر سيبويه النسخ في هذه الآية في كتابه، وما تكلم على نسخ سواه، ورجحه بأن المؤمنين لم يؤمروا بالسلام على الكفار. وقال المبرد كنا ينبغي أن يقول: لم يؤمر المسلمون يومئذ بحربهم ثم أمروا بحربهم.
وجاء في بعض التواريخ أن إبراهيم بن المهدي وكان من المائلين