(٢٧) - قوله تعالى: ﴿قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرًا فمن عندك﴾:
هذه الآية لا كلام فيها على قول من يرى شريعة من قبلنا لازمة لنا. وأما على قول من لا يرى شريعة من قبلنا لازمة لنا -وهو مذهب أكثر الأصوليين- فيحتاج إلى نظر. وقد قال مكي: فيها خصائص في النكاح منها أنه لم يعين الزوجة ولا حد أول المدة وجعل المهر إجارة ودخل ولم ينقد شيئًا. الذي يقال في هذا أنه يحتمل أن أمر النكاح عرض على موسى مجملًا، فلما أجاب موسى إلى المصاهرة وقع التعيين، أو لعل هذا كان جائزًا في شريعة موسى النكاح بغير تعيين ويكون مفوضًا إلى الولي أو إلى الزوج ولا يمنع من ذلك مانع. إلا أن هذا الوجه الآخر مرفوع بشريعتنا والأول مبقي على حكمه. وأما المدة، فليس في ألفاظ الآية ما يدل على ترك مراعاتها بل الأمر مسكوت عنه. فإما أن يكون معلومًا عندهم ولم يذكر في الآية، وإما أن يكون مسكوتًا عنه عندهم أيضًا كما وقع في الآية. وإذا كان كذلك فهو من يوم العقد كسائر عقود الإجارات والأكرية وذلك في شريعتنا محكم معمول به. أو لعله كان في تلك الشريعة إسقاط تعيين وقت الإجارة جائزًا ثم رفع في شريعتنا وأما النكاح بالأجرة فبين في الآية وقد جاء في شريعتنا وزانه وهو إنكاح النبي ﷺ التي وهبت نفسها له الرجل الذي سأله إنكاحها منه ولم يكن عنده إلا آيات يحفظها فأمره أن يعلمها ما عنده من القرآن ويتزوجها بذلك. فهذا تزويج بإجارة. إلا أنه اختلف هل ذلك باق في شريعتنا اليوم مثل ما كان عليه أم لا؟ فذهب بعضهم إلى أنه غير باق وأن ذلك كان خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم. وذهب بعضهم أيضًا إلى مثل ذلك


الصفحة التالية
Icon