نزلت في شأن سعد بن أبي وقاص وذلك أنه حين أسلم حلفت أمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية أن لا تأكل ولا تشرب حتى يرجع إلى دين قومه، فلج سعد في الإسلام، وكانت إذا أفرط عليها الجوع والعطش فتحوا فاها وصبوا فيه ما يمسك رمقها فلما طال عليها ورأت سعدًا لا يرجع أكلت، فنزلت الآية. قاله سعد بن أبي وقاص. ولما تقدم في الآية ما يقتضي طاعة الوالدين مطلقًا، واحتمل أن يطاعا ولو في معصية، بين الله تعالى أن الآية على غير ذلك وأنهما لا يطاعان في الكفر ونحوه من المعاصي. فقال تعالى: ﴿وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم... ﴾ الآية فعلى هذا تلزم طاعتهما في المباحات، وأما المندوبات -كالجهاد إذا كان على الكفاية وإجابة الأم في الصلاة إذا خيف عليها هلكة مع إمكان الإعادة أو المشي إلى الصلاة في جماعة ونحو ذلك- فالأكثر على أنها تلزم طاعتهما في ذلك كله. وخالف الحسن فقال: إن منعته أمه من شهود العشاء الأخيرة شفقة فلا يطعها والأول أجرى على ظاهر الآية. وكذلك اختلف في تأخيره الحج إن لم يأذن له في أحد الأبوين.
وقوله تعالى: ﴿وصاحبهما في الدنيا معروفًا﴾:
يعني الأبوين الكافرين، أي صلهما وادعهما برفق. ومن ذلك حديث أسماء بنت أبي بكر حين قدمت علي وهي راغبة أفأصلها؟ قال: ((نعم)). وقد قال العلماء إن الابن تلزمه نفقة أبويه وإن كانا كافرين. قاله مالك وغيره.