وفي كل كلام، وليس ذلك بشعر. ويؤكد حدة من كره الشعر قول عائشة: كان الشعر أبغض الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسم وكان يتمثل بشعر بني قيس طرفة فيكسره، فقال له أبو بكر ليس هكذا قال الشاعر فقال: ((ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي)) وقد ذهب قوم إلى أن الشعر لا عيب فيه. قالوا إنا منعه الله تعالى من التحلي بهذه الحلية ليجيء القرآن من قلبه أعذب، فإنه لو كان له إدراك بالشعر لقيل في القرآن هذا من تلك القوة. قال بعضهم وليس الأمر كذلك. وقد كان عليه الصلاة والسلام من الفصاحة والبيان في المرتبة العليا ولكن كلام يبين بإعجازه ووصفه عن كل كلام. وإنما منع الله تعالى عنه وزن الشعر ترفيعًا له عما فيه التخييل وتزويق القول وأما القرآن فهو ذكر للحقائق والبراهين فما هو بقول شاعر. وقد مضى من الكلام على هذا طرف في سورة الشعراء.
(٧١)، (٧٢) - قوله تعالى: ﴿أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعامًا فهم لها مالكون * وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون﴾:
استدل بعض الناس بهذه الآية على رد قول من زعم أنه لا يحل أكل الخيل والحمير. قال وقد أخبر الله تعالى أنها للأكل والركوب. وهذا استدلال ضعيف لأن الله تعالى إنما ذكر في الآية الأنعام، والخيل والحمير لا يقع عليها ذلك الاسم فكيف يدخل معها في الحكم إلا على ما حكى الطبري من أن الأنعام تقع اسمًا على الخيل والبغال والحمير وجميع البهائم التي تقع بها فيصح الاحتجاج بالآية على ذلك.
(٧٨)، (٧٩) - قوله تعالى: ﴿قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة﴾ الآية:
فيه دليل على استعمال القياس والاعتبار والتعلق بالأولى لأن الإعادة