تعالى في شرعنا بما ثبت من النهي عن قتل البهائم صيدًا وعن إفساد المال وأن فتن. وهذا الحديث في النهي عن قتل البهائم فيما اجتمعت الأمة على معناه فجاز نسخ القرآن به.
(٤٤) - قوله تعالى: ﴿وخذ بيدك ضغثًا فاضرب به ولا تحنث﴾:
روي أن أيوب عليه السلام لما مرض كانت زوجته تختلف إليه مدة مرضه فيلقاها الشيطان -في صورة طبيب مرة في وصورة ناصح مرة أخرى وعلى غير ذلك- فيقول لها: لو سجد هذا المريض للصنم الفلاني لبرئ. لو ذبح عناقًا للصنم الفلاني لبرئ، ويعرض عليها وجوهًا من الكفر فكانت ربما عرضت ذلك على أيوب، فيقول لها: لقيت عدو الله في طريقك. فلما أغضبته بهذا ونحوه حلف لئن برئ ليضربنها مائة سوط. فلما برئ أمره الله تعالى أن يأخذ ضغثًا فيه مائة قضيب، والضغث القبضة الكبيرة من القضبان ونحوها من الشكيس الرطب فيضرب بها ضربة واحدة فيبر يمينه. وهذا الحكم قد ورد مثله في شرعنا عن نبينا محمد ﷺ في رجل عليه حد زنا وكان زمنًا فأمر ﷺ أن يضرب بعذقة نخلة فيها شماريخ مائة فيضرب بها مائة ضربة. واختلف الناس هل هذا الحكم باق لم ينسخ؟ فذهب جماعة إلى أنه حكم باق محكم وأن من حلف ليضربن عبده مائة سوك يبر بجميعها وضربه بها ضربة واحدة، وإلى هذا ذهب الشافعي، وهو قول أبي حنيفة ومحمد وزفر وعطاء، وذهب أكثر العلماء إلى ترك القول به، وهو قول مالك وأصحابه. إلا أن الذين ذهبوا إلى ذلك اختلفوا هل ذلك منسوخ بشريعتنا أم لا؟ فذهب قوم إلى أنه منسوخ في شريعتنا وأن الحدود والبر في الأيمان لا يقع إلا بإتمام عدد الضربات. قال بعضهم: والناسخ لذلك من شريعتنا قوله تعالى: ﴿الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة﴾ [النور: ٢] والذي يجلد بالضغث جلدة واحدة لم يجلد مائة جلدة وإنما جلد جلدة