القصاص تعديًا، وإنما سماه الله تعالى إساءة لأنه إجزاء إساءة فسمي بذلك توسعًا وتجوزًا كما قال تعالى: ﴿وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به﴾ [النمل: ١٢٦]. والأول ليس بعقاب وإنما المعاقب المجازى ولكنه سمي باسم المختص للمجازاة. وهذا كثير في القرآن والحديث وكلام العرب.
(٤١) - قوله تعالى: ﴿ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل﴾:
هذا بلاغ في إباحة الانتصار. والخلاف فيه هل هو بين المؤمن والمشرك أو بين المؤمنين على ما تقدم؟
(٤٣) - قوله تعالى: ﴿ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور﴾:
من رأى أن هذه الآية فيما بين المؤمنين والمشركين وأن الصبر للمشركين كان أفضل قال إن الآية نسخت بآية السيف، ومن رأى أن الآية إنما هي بين المؤمنين قال هي محكمة والصبر والغفران أفضل إجماعًا. وقال أبو الحسن: قد ندبنا الله تعالى في كتابه العزيز إلى العفو عن حقوقنا قبل الناس فقال تعالى: ﴿وأن تعفو أقرب للتقوى﴾ [البقرة: ٢٣٧] وقال في شأن القصاص: ﴿فمن تصدق به فهو كفارة له﴾ [المائدة: ٤٥] وقال تعالى: ﴿وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم﴾ [النور: ٢٢] وأحكام هذه الآية غير منسوخة.
(٣٩) -قوله تعالى: ﴿والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون﴾:
يدل ظاهره على أن الانتصار في هذا الموضع أفضل وهو محمول على ما ذكر النخعي من أنهم كانوا يكرهون للمؤمنين أن يدلوا أنفسهم فيجترؤوا عليهم الفساق بهذه الآية في الانتصار فمن تعدى وأصر على ذلك، والموضع المأمور فيه بالعفو إذا كان الجاني نادمًا مقلعًا وقد قال عقب هذه الآية: ﴿ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل﴾ ويقتضي ذلك إباحة الانتصار لا الأمر به. وقال إسماعيل القاضي في قوله تعالى: