أنه الوطء نفسه، وهذه الأقوال الثلاثة مذكورة عن مالك في الموطأ. والقول الثاني منها أصحها وأجراها على القياس وأتبعها لظاهر القرآن لأنه إذا أراد الوطء وجب عليه تقديم الكفارة قبله لقوله تعالى: ﴿من قبل أن يتماسا﴾. والرابع: قول الشافعي ومن تابعه أن العودة استدامة العصمة خاصة وأنه متى ظاهر من زوجته ثم لم يطلقها طلاقًا متصلًا بالظهار فقد وجبت عليه الكفارة. وهو قول يفسده ظاهر القرآن لأن الله تعالى قال: ﴿ثم يعودون﴾. و ﴿ثم﴾ توجب التراخي، والعصمة لم تتصل بالظهار فكيف يصح أن يقال ثم يكون كذا لما لم يزل كائنًا؟ هذا محال. وأيضًا فإنه إنما أوجب الكفارة بترك الطلاق فيكون معنى قوله تعالى على مذهبه: ﴿ثم يعودون﴾ بمعنى لم يطلقوا. قوله تعالى: ﴿ثم يعودون﴾ إيجاب، ولم يطلقوا نفي، ولو صح هذا لكان الإيجاب نفيًا والنفي إيجابًا، وهذا فاسد أيضًا. فإن قوله تعالى: ﴿ثم يعودون لما قالوا﴾ يوجب أن يحدث منه شيء لم يكن قبل، والمظاهر لم يطلق في حال الظهار ولا قبله، فإذا ظاهر ثم لم يطلق بعد الظهار فهو كما كان قبل لم يحدث منه شيء بعد فيستحيل معنى قوله: ﴿ثم يعودون﴾ لأنه إنما يعود الإنسان لشيء قد كان فارقه، والمظاهر لم يفارق زوجته بالظهار وإنما فارق به المسيس فهو المعنى المقصود بالعودة. واحتج بعض الشافعية ي أن العودة: بقاؤها لقوله تعالى: ﴿كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها﴾ [السجدة: ٢٠] فسمى الله تعالى بقاءهم في النار إعادة.
فيحتمل أن يكون هؤلاء تحاملوا للخروج فردوا إلى الحالة الأولى. ولو صح أن يكون البقاء إعادة لما كان في ذلك حجة لأن الله تعالى إنما


الصفحة التالية
Icon