الآية لأنه دعاء. والدليل عنه ما روي في تأويل قوله تعالى: ﴿قد أجيبت دعوتكما﴾ [يونس: ٨٩] قال كان موسى يدعو وهارون يؤمن فسماهما الله تعالى داعين. وقد يجاب عن هذا بأن إخفاء الدعاء في غير الصلاة أفضل لأنه أبعد عن الرياء. وأما ما يتعلق بصلاة الجماعة فإظهاره أولى لأنه إظهار شعائر وحق يندب إلى إظهاره، وهذا كله على القول بأن قوله تعالى: ﴿ادعوا ربكم﴾ في الدعاء المعروف. وقد قيل معنى ادعوا: اعبدوا تضرعًا وخفية أي باستغاثة واعتقاد وذلك في القلوب.
وقوله تعالى: ﴿إنه لا يحب المعتدين﴾ يريد في الدعاء، وإن كان اللفظ عامًا. وأنواع الاعتداء بالدعاء كثيرة كالجهر الكثير المفرط. وقد قال ﷺ لقوم: ((ارفقوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمًا ولا أعمى ولا غائبًا)) ومنها الدعاء في معصية أو الدعاء في محال ونحو ذلك. وهذا الأمر بالدعاء أمر ندب. وعبر بعضهم عنه بأنه واجب. وقد اختلف في الدعاء هل فيه منفعة أم لا على ثلاثة أقوال: قيل لا منفعة فيه جملة ولا يغني عن الإنسان شيئًا وإنما هو عبادة تعبدنا الله تعالى وأوجبها علينا بقوله تعالى: ﴿ادعوا ربكم تضرعًا وخفية﴾ ونحو ذلك من الآي كما أمر بالصلاة ونحوها من العبادات. واحتجوا أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((جف القلم بما هو كائن)). وقيل الدعاء على الإنسان واجب وهو يرد القضاء واحتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا يرد على الإنسان واجب القضاء إلا إثر دعاء)) ومن حجتهم قوله تعالى: ﴿ادعوني أستجب لكم﴾ [غافر: ٦٠]. وقيل هو واجب ولا يستجاب منه إلا ما وافق القدر. وضعف بعضهم هذ القول


الصفحة التالية
Icon