ثم قال: ﴿فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا﴾:
فاختلف العلماء في الإطعام المذكور في الآية ما تحديده. فالمشهور عن مالك أنه لكل مسكين مد هشامي. واختلف في قدر المد الهشامي، فقيل: مدان إلا ثلثًا، وهو المشهور من مذهب مالك. وقيل مد وثلث. وقيل مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول أبي حنيفة. فهذا يعضد ذلك. فهذه ثلاثة أقوال في المد الهشامي. وقيل إنه يطعم كل مسكين مدًا واحدًا. فمد النبي ﷺ في الظهار، وهو قول ابن القصار والشافعي وغيرهما. واختلف إذا أطعم مسكينًا واحدًا ستين يومًا. ففي المذهب وعند الشافعي وغيره أنه لا يجزئه وقال أبو حنيفة وأصحابه يجزئه. ودليل القول الأول ظاهر الآية لأنه تعلى اشترط عدد المساكين فلا بد منه وقال تعالى هنا: ﴿فإطعام ستين مسكينًا﴾ ولم يشترط قبل التماسي. فاختلف أهل العلم في ذلك. فحمله مالك على ما قبله فجعله مثل العتق والصوم ورأى أنه لا يكون إلا قلب التماسي. وقال أبو حنيفة وكثير من أهل العلم: لم ينص الله تعالى على شرط هنا فنحن لا نلتزمه. فجائز للمظاهر إذا كان من أهل الإطعام أن يطأ قبل الكفارة ويستمتع. واختلف في الذي لا يجد الرقبة فيبتدئ بالصوم ثم يجد الرقبة. فالمشهور في المذهب أنه بالخيار بين أن يتم الصوم أو يرجع فيعتق، ويستحب له الرجوع وهو قول الشافعي. وعند ابن عبد الحكم أنه يرجع فيعتق، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. والحجة للقول الأول ظاهر الآية لأنه تعالى قال: ﴿فمن لم يجد فصيام شهرين﴾ وهذا لم يجد فقد أخذ بصوم شهرين على ما أوجب الله تعالى، ثم إذا وجد بعد ذلك لم يبطل عليه واجبًا لأنه إنما دخل فيه بإيجاب الله تعالى ذلك عليه. فعلى هذا القول يكون معنى الآية: فمن لم يجد في حين نظره في التكفير. وعلى القول الآخر يكون معنا: فمن لم يجد في شيء من مدة التكفير. واختلف إذا كان في ملك المظاهر رقبة إلا أنه محتاج إليها لخدمة وهو لا يملك غيرها. ففي المذهب أنه يلزمه إعتاقها ولا يجزئه الصيام. وقال الشافعي