(١١) - وقوله تعالى: ﴿وإذا قيل انشزوا فانشزوا﴾:
اختلف في النشز المأمور به في الآية ما هو. قال الضحاك وقتادة والحسن معناه: إذا دعوا إلى قتال أو صلاة ونحو ذلك من الطاعات. وقال قوم معناه إذا دعوا إلى القيام عن النبي ﷺ لأنه كان أحيانًا يحب الانفراد في أمر الإسلام فربما جلس ناس وأراد كل واحد منهم أن يكون أحدث الناس عهدًا برسول الله ﷺ فنزلت الآية آمرة بالقيام عنه متى فهم ذلك بقول أو فعل. وقال قوم معناه: انشزوا في المجلس بمعنى التفسح فيه لأن الذي يريد التوسعة لا بد أن يرتفع في الهواء، فإذا فعل ذلك اتسع الموضع فيأتي قوله: ﴿انشزوا﴾ مثل قوله: ﴿تفسحوا﴾.
قوله تعالى: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾:
اختلف في تأويله. فقال قوم: المعنى يرفع الله المؤمنين العلماء منكم درجات، فلذلك أمر بالتفسح من أجلهم. ويجيء على هذا قوله تعالى: ﴿والذين أوتوا العلم﴾ بمنزلة قولك: جاءني العاقل والكريم، وأنت تريد إنسانًا واحدًا. وقال قوم يرفع الله الطائفتين المؤمنتين والعلماء الصنفين جميعًا درجات لكنا نعلم تفاضلهم في تلك الدرجات من موضع آخر ولذلك جاء الأمر بالتفسح عامًا للعلماء وغيرهم. وقال قوم -منهم عبد الله بن مسعود- المعنى: يرفع الله الذين آمنوا منكم وتم الكلام ثم ابتدأ بتخصيص العلماء بالدرجات ونصب العلماء على إضمار فعل. فالذي يتحصل للمؤمنين على هذا القول الرفع، وللعلماء الدرجات. ولهذا قال مطرف: فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة وخير دينكم الورع.
(١٢) - قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة﴾:
اختلف في سبب الآية. فقيل نزلت في الأغنياء لأنهم غلبوا الفقراء


الصفحة التالية
Icon