قال: ففهم رسول الله ﷺ أن هذه العبادة شقت على الناس فقال: ((يا علي كم ترى أن يكون حد هذه الصدقة؟ أتراه دينارًا؟ )) قلت: لا. قال: ((فنصف دينار)) قلت: لا يطيقونه. قال: ((فكم؟ )) قلت: حبة من شعير.
قال: ((إنك لزهيد)). فأنزل الله تعالى الرخصة يريد للواجدين. وأما من لم يكن يجد فالرخصة لم تزل ثابتة له لقوله تعالى: ﴿فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم﴾. وقد اختلف في تعزية المسلم بابنه الكافر. فحرمها مالك في الجنائز من العتبية واحتج بقوله تعالى: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ [التوبة: ٧١] وبقوله: ﴿لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله... ﴾ [المجادلة: ٢٢]، لكان أظهر وإن لم يكن دليلًا قاطعًا. قال وقد روي عن مالك إجازة تعزية الكافر لتمام جوار فيقول له: إذا مر به: بلغني كان من مصابك بابنك، الله يكتبه من خيار ذوي ملته. قال: والمسلم بالتعزية أولى. اختلف في مدة بقاء هذا الحكم، فقيل عشرة أيام، وقيل ساعة من نهار.
(٢٢) - قوله تعالى: ﴿لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله﴾:
قال بعضهم إنه نسخها قوله تعالى: ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم... ﴾ الآية [الممتحنة: ٨]. والصحيح أنه لا نسخ في ذلك وأن قوله تعالى: ﴿لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر﴾ نزلت في أهل الحرب، وأن قوله تعالى: ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم﴾ نزلت في أهل الذمة والأسارى. فمن سالم من الكفار فلا بأس ببره وإكرامه لظاهر حاله. وقالت أسماء: يا رسول الله إن أمي