فزال حكم الهدنة، إذ لا يجوز لنا اليوم أن نهادن أحدًا منهم لقوله تعالى: ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ [التوبة: ٥]، فلما ارتفع حكم الهدنة بالآية في مشركي العرب ارتفع حكم الآية عدم وجود الهدنة، فإنما الهدنة باقية بيننا وبين أهل الكتاب وبين المجوس لقوله عليه الصلاة والسلام: ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب)) ولا هدنة بيننا وبين مشركي العرب، إنما هو الإسلام أو السيف، لأن الآية بينت ذلك إذ قال تعالى: ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾، وقال في أهل الكتاب: ﴿حتى يعطوا الجزية عن يد﴾ [التوبة: ٢٩] فبان أن الآية ناسخة للهدنة بيننا وبين مشركي العرب. فلما زالت الهدنة بالآية زال أيضًا حكمها، ولهذا قال بعضهم أيضًا عن قتادة أن ما في هذه الآية منسوخ بما في براءة. حكي عن الزهري أنه قال: انقطع هذا يوم الفتح.
(١٢) - وقوله تعالى: ﴿يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبيعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا... ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿إن الله غفور رحيم﴾:
هذه هي بيعة النساء في ثاني يوم الفتح على جبل الصفا. وسماهن المؤمنات بحسب الظاهر كما تقدم.
قوله تعالى: ﴿على أن لا يشركن بالله شيئًا﴾:
أي على أن يرفضن الشرك. ورفضه هو خالص الإيمان.
قوله تعالى: ﴿ولا يسرقن ولا يزنين﴾:
بيِّن.
قوله تعالى: ﴿ولا يقتلن أولادهن﴾:
هو من خوف الفقر، وكانت العرب تفعل ذلك.