أعلم الله تعالى بهذه الآية أنهن يلزمهن السكنى في بيوتهن التي طلقن فيها فنهى عن إخراجهن وخروجهن. فعلى هذا تلزم بيتها ولا تخرج منه إلا أن تخرج نهارًا في حاجة لها. وهو لازم للمطلقة الرجعية بإجماع من العلماء. وكذلك لا خلاف في وجوب السكنى والنفقة لها. وهذا النهي لعلة وهي حفظ الأنساب والمخاطبة لقوله تعالى: ﴿لا تخرجوهن﴾ للأزواج. ففي هذا دليل أن البيت إنما هو للزوج ملكًا كان أو كراء، فيلزمه أن يتركها فيه حتى تنقضي عدتها وإن كان لها فعليه لها الكراء وإن كانت أمتعته مدة الزوجية ففي لزوم خروج والعدة له قولان في المذهب، والأظهر منهما اللزوم لأن ظاهر الآية على ما قدمنا أن سكناها في العدة إنما هو على الزوج. وإذا كان كذلك فسواء تقدم امتناع منها له أو لم يتقدم ولا تكون العدة داخلة في الإمتاع بمدة الزوجية لأن الزوجية قد انفصلت بالطلاق.
وقوله تعالى: ﴿إلا أن يأتين بفاحشة مبينة﴾:
اختلف في هذه الفاحشة التي أباحت خروج المعتدة ما هو؟ فقال الحسن ومجاهد وقتادة هي الزنا، فتخرج بإقامة الحد، وهو قول الليث والشعبي وغيرهما. وقال ابن عباس هي البذاء على الأحماء فتخرج ويسقط حقها من السكنى ويلزمها الإقامة في مسكن تتخذه حفظًا للنسب. وقال ابن عمر والسدي هي الخروج عن البيت خروج انتقال، فمتى فعلت ذلك


الصفحة التالية
Icon