في سببها أن رسول الله ﷺ لما أهدى إليه المقوقس مارية القبطية اتخذها سرية. فلما كان في بعض الأيام -وهو يوم حفصة بنت عمر، وقيل يوم عائشة- جاء رسول الله ﷺ إلى بيت حفصة فوجدها قد مرت لزيارة أبيها فبعث رسول الله ﷺ في جاريته، فقال معها، فجاءت حفصة فوجدتها، فأقامت خارج البيت حتى أخرج رسول الله ﷺ مارية وذهبت. فدخلت حفصة غيرى متغيرة فقالت: يا رسول الله أما كان في نسائك أهون عليك مني؟ أفي بيتي وعلى فراشي؟ فقال لها رسول الله ﷺ متراضيًا: ((أيرضيك أن أحرمها؟ )) قالت: نعم. فقال: ((إني قد حرمتها)). قال بعضهم ولم يقل مع ذلك والله لما أطأها. وذلك مذكور عن أبي بكر وعمر وابن عباس. وقال ابن عباس: بل قال مع ذلك: ((والله لا أطأها أبدًا)). ثم قال لها لا تخبري بهذا أحدًا. فمن قال إن ذلك كان في يوم عائشة قال: استكتمها خوفًا من غضب عائشة وحسن عشرته لها. ومن قال بل كان في يوم حفصة قال: استكتمها لنفس الأمر. ثم إن حفصة رضي الله تعالى عنها قرعت الجدار الذي بينها وبين عائشة وأخبرتها لتسرها بالأمر ولم تر في إفشائه إليها حرجًا. فأوحى الله تعالى إلى نبيه ونزلت الآية. وهذا القول أصح الأقوال في سبب الآية. وقيل إن هذا كان سبب تظاهر حفصة وعائشة على رسول الله ﷺ وإلى أن لا يدخل على نسائه شهرًا حين طلبن منه النفقة. وقد اختلف العلماء فيمن حرم على نفسه طعامًا أو شرابًا أو أمته أو أم ولده أو شيئًا أحله الله تعالى له ما عدا الزوجة. فقالت طائفة لا يحرم عليه ذلك وعليه كفارة يمين، قاله أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي. وقال مالك والشافعي: لا يحرم عليه وليس عليه كفارة وأن التحريم في ذلك ليس بشيء. والحجة