الإمام لأجل إسراره فمن أين يلزمه الاستماع والإنصات وإنما يجب الامتناع إذا وجب الاستماع. وقد أجاب عن ذلك بعضهم أن قال: الأصل في القراءة في الصلاة الجهر ليتدبر المستمع في آيات القرآن ويتعظ بها. وإنما السر لعارض وهو أن المنافقين كانوا يلغطون في قراءة رسول الله ﷺ ويكثرون الثول ليلبسوا عليه وعلى من خلفه.
وقد أخبر الله تعالى بذلك حيق قال: ﴿وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون﴾ [فصلت: ٢٦]. وإن كان الأصل في الجهر للتدبر والاتعاظ فلا بعد في زوال العلة وبقاء الحكم. وهذا الجواب ليس بشيء فإنه لو كان كذلك لما أسر في بعض الصلوات وجهر في بعضها فإن قيل كان الكفار ينتشرون في صلاة النهار فلذلك أسر فيها، قيل يبطل هذا بصلاة الجمعة وصلاة العيدين. ثم إن صلاة الليل منها ما يسر للعلى التي ذكروها وقد قال قوم إن معنى الإنصات المأمور به في الآية أن لا يجهر بالقراءة منازعًا الإمام وإذا أخفى ذلك لم يخرج عن الإنصات. وقيل بل المراد به السكوت حتى لا يقرأ البتة إلا عند فراغ الإمام.