عموم الآية. وقد اختلف العلماء في تأويل الضعف الذي ذكره الله تعالى فقيل: هو في العدد، فيلزم المسلمين أن يثبتوا لمثلي عددهم وإن كانوا أشد منهم سلاحًا وأظهر قوة وهو قول لجمهور العلماء. وقيل: هو في الجلد والقوة ويلزم المسلمين أن يثبتوا لأكثر من الضعف إذا كان المسلمون أشد منهم سلاحًا وأكثر منهم قوة ولا يلزمهم أن يثبتوا لهم. وإن كانوا أقل من الضعف إذا كان المشركون أشد منهم سلاحًا وأكثر منهم قوة وهو قول ابن الماجشون وروايته عن مالك.
- والقول الأول أظهر لأن الله تعالى إنما ذكر الضعف في العدد فمن أراد أن يتأوله على القوة كان مخرجًا للآية عن ظاهرها بغير دليل. والتحرف للقتال أن يظهر هربًا وهو منه مكيدة ليكر ونحو ذلك. والتحيز إلى فئة اتفقوا على أنها الجماعة من الناس الحاضرة في الحرب. واختلفوا في المدينة والإمام والجماعة إذا لم يكن شيء من ذلك حاضرًا في الحرب هل التحيز إليه تحيزًا إلى فئة أم لا. ويروى عن عمر رضي الله تعالى عنه إباحة ذلك وأنه تحيز إلى فئة والظاهر أن ذلك ليس بتحيز إلى فئة، بل هو فرار تام ولا يجوز الفرار وإن فر الإمام لقوله تعالى: ﴿ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفًا لقتال﴾ فعم ولم يخص. واختلف في الرجل يكون في صف المسلمين يريد أن يحمل على الجيش والعدو وحده محتسبًا بنفسه. فمنهم من أجازه واستحسنه ومنهم من كرهه ويروى عن عمرو بن العاص وإليه ذهب مالك في ظاهر قوله واحتج بقوله تعالى: ﴿الآن خفف الله عنكم﴾ وبقوله تعالى: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ وقد قاس ابن شبرمة الأمر بالمعروف