وقد مضى قوله تعالى: ﴿ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار﴾ في آية تأخير المعسر فلا وجه لإعادته.
الآية الثالثة: قوله تعالى: ﴿آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا﴾.
قال بعضهم كانت شريعة من قبلنا فكان لنا أن نستعملها فنسخت بحديث جابر عن النبي ﷺ " لا صمت يوما إلى الليل.
وقال غيره: هذه الآية حكاية والحكاية لا تنسخ لأن الخبر لا يدخله النسخ ثم قال: إنما يدخل هذا النسخ على قول من قال إن شريعة من قبلنا يلزمنا العمل بها.
قال القاضي محمد بن العربي رحمه الله:
قوله تعالى: ﴿آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا﴾ اختلف الناس في تأويلها حسب ما أوردناه في الأمالي من أنوار الفجر، لبابة أن زكرياء ﷺ لما دعا في الولد نادته الملائكة بالإجابة فلما سمع زكرياء النداء قال له الشيطان إن هذا الصوت ليس بصوت ملك وإنما هو كلام الشيطان يسخر بك ولو كان من الله أوحي إليك كما يوحي في غيره من الأمور فشك مكانه وقال: ﴿أني يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر﴾ فقال: ﴿رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا﴾ فمنع الكلام عقوبة له وأعلمه أن الله يفعل ما يشاء وأنه قد قدر على أكثر من ذلك وهو خلقه ولم يك شيئا.
قال شيخنا أبو عبد الله النحوي رحمه الله: هذا الذي سمي شكا في رواية السدي ليس يحمل على الشك الصريح الذي يضاد اليقين وإنما هو من باب