وأما قوله لا يدخله النسخ إلا على قول من قال إن شريعة من قبلنا شريعة لنا، فهذا يناقض قوله قبله وها هنا أن الخبر لا يدخله النسخ لذاته. وهو كله تسور منه على العلوم وتصور بصورة العلماء، ولا يصح ذلك بالادعاء.
الآية الرابعة: قوله تعالى: ﴿كيف يهدي الله قومًا كفروًا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق﴾ الآيات الثلاث: زعم بعضهم أن ما استثنى الله منهم بقوله ﴿إلا الذين تابوا﴾ ناسخ لما تقدم.
قال القاضي محمد بن العربي رضي الله عنه:
هذا باطل فإن الاستثناء ليس بنسخ، وقد حققنا ذلك في السابق من القول ها هنا وفي غيره. وسبب هذه الآية فيما ذكره المفسرون أن رجلا يقال له الحارث بن سويد من بني عمرو بن عوف كان أسلم ثم لحق بأرض الروم وتنصر ثم أرسل إليه قومه فندم وسأل قومه رسول الله ﷺ هل له توبة؟ فتزلت هذه الآيات. وقيل نزلت في أبي عامر الراهب والحارث بن سويد ووحوح بن الأسلت. وقيل هم أهل الكتاب الذين آمنوا بمحمد وبشروا به واستفحوا به فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين إلا من تاب. وهذا يصح أن يكون متناولا للآيات ومعناه أن الباري تعالى يقلب الأفئدة والأبصار كما يقلب الليل والنهار ويغير الحالات ولا يتغير في الذات والصفات فلا ثبات إلا كل


الصفحة التالية
Icon