وقوله: لأن هذا جور في الاعتقاد وجهل أن الله سبحانه لو خلق جميع الخلق للنار لكان عدلا كما لو خلقهم أجمعين للجنة لكان فضلا، وإذا قسمهم فريقين كانت حكمة ولا يبالي، بالأحوال كلها. إنما الجائز من فعل ما لم يؤمر به وليس فوقه، أمر يخالفه فيكون بذلك جائزا وخارجا عن العدل بفعله ما لم يجز له، وقوله قد أخبر أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها حق، ولكن علمنا ذلك بخبره وفضله وقد كان له أن يفعل ذلك بعدله وهو جائز في حكمه ثم رفعه فضلا من عنده وكان ذلك أوقع في المنة، وأعظم في النعمة وقد كلف بني إسرائيل أن تقتل أنفسها عند التوبة، ولم يكن ذلك جورا وهو أعظم من هذا التكليف. وقوله ﷺ استقيموا ولن تحصوا فيه فائدة عظيمة ليس هذا البائس لها أهلا، وهي إخبار الله تعالى بأن العباد أمروا بالاستقامة وأنه لا يخلق لهم القدرة عليها فإن الباري تعالى يأمر العبد بالفعل ويخلق له القدرة عليه فيوجد الفعل وقد يأمره ولا يخلق له القدرة عليه فلا يوجد أبدا، كما أنه ينهي عن الفعل ويخلق له القدرة على الاجتناب فيكون التقوى وقد يخلق له القدرة على فعل المنهى عنه فتكون المعصية ألا ترى أنه أمر إبليس بالسجود لآدم ولم يخلق له القدرة عليه فلم يوجد منه، ونهى آدم عن أكل الشجرة، وخلق له القدرة على المنهي عنه، وهو الأكل؟ وإنما يأمر الله العبد بالفعل لتقوم عليه الحجة ولا يخلق له القدرة لينفذ فيه القدر ويكون ممن يسر للعسىرى، فالباري خالق القدرة وخالق المقدور وإليه تصير الأمور. وقد قال النبي ﷺ سيد الاستغفار اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت