فعله كبيرهم هذا} وفي دله امرأته بقوله: (هذه أختي) وعد لموسى عليه السلام قتله لنفس لم يؤمر بقتلها، وليس لعيسى عليه السلام ذنب مذكور، فكيف يجوز لمسلم بعد هذا أن يعد لمحمد ذنبا، وهو معصية وهو أفضل من هؤلاء؟ وقد قال في قوله تعالى: ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ (هي أمته) عبر عنهم به لقربه منهم وكونه بينهم كما قالوا ذلك في قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي اتق الله﴾ فيكون معنى الآية ليغفر الله ذنوب من سلف قبلك من الناس وذنب من يأتي بعدك من الأمة في حرمتك، وقال غلاة الصوفية: إن ذنب آدم إنما غفر له مجرمة محمد عليه السلام، فأين هؤلاء في التعظيم للنبي من هؤلاء في وصفه بالمعصية، لقد ساء أدبه وضل عقله وعزب حلمه، وإذا تأدب رسول الله صلى الله عليه وسلممع ربه والتزم حكم العبودية ونسب الذنب إلى نفسه، يريد الجاهل أن ينسب ذلك إليه، وإنما بعد في ذنوب النبي عليه السلام ميله يوم بدر إلى الفداء ومخالفته رأي من رأي القتل في الأسرى حتى قال (لو نزلت نار من السماء لأحرقتنا إلا عمر) وقد قال المحققون من علمائنا إنما قيل للنبي ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ ليلقى الله طيب النفس رفيع المقدار سليما من الخجل مقلا في المسألة مجيرا للأمة.
وأما قول البائس: تعالى الله عن تكليف عباده ما لا يطاق فكلام باطل منكور وهو مذهب المعتزلة والقدرية، ونحن تقول: تعالى الله ألا يكلق عباده ما لا يطيقون ويعذبهم كما يريد ويبتليهم كما يشاء ويقضي عليهم من القضاء السيء بما أراد فإن الكل ملكه لا يتألم ولا يتضرر بضرهم ولا يتلذذ بنفعهم