والرجم، فاقتضي مطلق هذا القول أن البكر إذا زني بالبكر جلد مائة، والثيب إذا زني بالثيب رجم، وبقي زنا البكر بالثيب أو الثيب بالبكر مفهوما من متضمن اللفظ فإن البكر بالبكر يجلد مائة لأنه بكر والثيب بالثيب يرجم لأنه ثيب فإذا وجد ثيب ببكر أخذ كل واحد حكمه ولم يتغير بما اقترن به وهذه قوة لفظية عربية فهمتها الصحابة بالفصاحة. وقد قال بعضهم إن الحكم الذي كان للزناة كان ممدودا إلى غاية فبينت السنة تلك الغاية وهي السبيل، ولا يكون النسخ في حكم بينت نهايته ومد إلى غاية ثباته، فإن قيل هذا حكم كل منسوخ بأن يمتد، إلى غاية، ثم يبين انقطاعه. قلنا هذا الذي ذكرتموه في حكم كل منسوخ مستفاد من الدليل، وهذا الحكم في هذه الآية مستفاد من اللفظ وإنما المعتمد في ذلك على اللفظ ألا ترى أن النسخ هو تخصيص الأزمان كما أن المخصوص تخصيص الأعيان وحكمهما مختلف لاختلاف اللفظ والدليل؟
قال القاضي ابن العربي رضي الله عنه:
كل حكم من الشريعة معرض في حياة النبي للزوال جائز عليه فيها النسخ، وإنما يرتفع هذا التجويز بموت النبي ﷺ فلا فرق في هذه الحقيقة بين أن يكون الحكم إلى غاية أو مطلقا، وإنما انتفى في الغاية حكم النسخ إذا كانت بيانا لمقدار الحكم كقوله تعالى: ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾.
فإن هذا بيان لمقدار العبادة فإنه قال: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر﴾ فصار حكم الفطر والصوم مقدرين بما حد فيهما، وكذلك قال تعالى: ﴿فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره﴾ حسب ما بيناه فجعل التحريم مقدرا. فأما قوله تعالى: {أو


الصفحة التالية
Icon