يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فحرم المغفرة على أهل الشرك وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته.
قال القاضي محمد بن العربي رضي الله عنه:
ذكر المفسرون في هاتين الآيتين أقوالا مختلفة. أما الآية الأولى وهي قوله ﴿ثم يتوبون من قريب﴾ ففيها ثلاثة أقوال:
الأول: ثم يتوبون في صحتهم.
الثاني: قبل المعاينة لملك الموت.
الثالث: قبل الموت.
وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى: ﴿وليست التوبة﴾ فقيل إنها في غضاة المسلمين وقيل في المنافقين والكافرين، وهذه الأقوال التي ذكرت في معنى النسخ مع أتبعناها به في معنى التأويل قاصرة عن المراد فاسدة في العمل والاعتقاد. وتحقيق القول فيه إن شاء الله أن الله تعالى نصب الأدلة على المعرفة وشرع التكليف للتعبدات وأوعز بذلك على ألسنة الرسل وغيرهم وآخرهم محمد ﷺ فبشر به وأنذر ونهي وأمر وتوعد وألزم والتزم، وسبق في علم الله وحكمه أن الخلق يتقاعدون عن القبول ويتعامون عن الدليل ففسح لهم في المهل وأرخي لهم الطول وأعلمهم بأقالة العثرة لمن كبا وبقبول التوبة لمن خالف وأبى، وجعل مدة قبول الإنابة وصحة التوبة مدة الدنيا، فقال تعالى: ﴿هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة، أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك، يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا﴾ فأخبر الله تعالى ان الإيمان لا ينفع ولا كسب الخير معه لا ينفع إذا ظهر بعض آيات الله، يعني المؤذنة بانقراض الدنيا وبين ذلك في الحديث الصحيح من طريقين: أحدهما من طريق أبي حازم، عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام، قال: (ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: الدجال،