يمثل فعلا لا أنه عفو، بل هو مأخوذ به كل من فعله كائنا من كان، إلا أن يراد بكونه عفوا إسقاط ذكره وامتثال فعله فربما كان ذلك صحيحا وهذا هو مراد العلماء والله أعلم.
وفي ذلك من آيات النبي عليه السلام وخصائصه ما أوردناه في كتاب المعجزات، من أن الواقع من ذلك في عمود نسب النبي ﷺ من الآباء، كان ما يتعلق منه بالأبناء ساقطا وإنما وقع في خالفه عمود النسب لا في سالفته، حتى لا يرتقي النبي عليه السلام إلى آدم صلوات الله عليه إلا عن صلب نقي ورحم طاهرة، فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، بن هاشم بن عبد مناف، بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
فالنضر بن كنانة ولد برة بنت مر أخت تميم بن مر هو المقصود بقوله: ﴿إلا ما قد سلف﴾ وغيرها من ناجية وواقدة وما شاكلها تبع لذلك وزيادة عليه، وليس في تزويج من لا يجوز تزويجه درك من عار أو نار إلا من جهة الشرع، فإن العقول لا تحسن ولا تقبح لذواتها وإنما الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه. ولو كان الحسن حسنا لذاته والقبيح قبيحا لذاته لكان الزنا حسنا والنكاح قبيحا والقتل اعتداء حسنا والقتل قصاصا قبيحا، فإن القتل الواقع اعتداء يجانس القتل المستوفي قصاصا في الذات والصفات بدليل أن الغافل عن السبب فيهما لا يميز بينهما وكذلك الزنا والنكاح، مثلهما في ذلك كله، وإنما فرق بينهما في الحسن والقبح الشرع، الأمر والنهي لا الذوات والصفات فدل على أن المعتبر في ذلك الأمر


الصفحة التالية
Icon