اتفق علماؤنا على أن الإجماع لا ينسخ لأنه ينعقد بعد موت النبي ﷺ وتجديد شرع بعده لا يتصور. هذا الظاهر على الجملة، بيد أن فيه تفصيلا بديعا: وذلك أن الإجماع ينعقد على أثر ونظر، فأن كان ناسخا، ويكون الناسخ الخبر الذي انبنى عليه الإجماع، وهذه مسألتنا بعينها، فإن الأمة إنما جمعت رأيها على اسقاط الوصية للوالدين لقول النبي ﷺ لكنه درس وبقي الاجماع الممهد المقطوع بصحته. أما أنه قد بقي ما يدل عليه في الحديث الصحيح وهو قول النبي ﷺ (ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت القسمة فهو لأولى عصبة ذكر).
تكملة:
لما نسخت الوصية للوالدين بالمواريث بقيت الوصية فيمن لم يرث من القرابة مندوبا فنسخ من الآية حتم الوصية بالمال للقرابة ونسخ جوازها أصلا لمن يرث وبقي ندبها فيمن لا يرث وهذا تحقيق بالغ. فأما فرض الوصية على المسلمين فقد بيناها في موضعها والله أعلم.